نداء عاجل حتى لا يفقد الناسُ الثقة في كهرباء الطاقة الشمسية

د. مهندس جعفر أحمد خليفة 19 يونيو 2025 

إلى رئيس الوزراء وإلى كل من يهمه الأمر 

لقد توجه المجتمع السوداني بشكل كبير إلى الطاقة الشمسية. المؤسف أن ذلك التوجه فرضته إفرازات الحرب ولم يكن ضمن خطة وطنية مستدامة تعزز استخدام الطاقة المتجددة بالسياسات المحفزة والتشريعات الضابطة. حسناً أن تفاعلت المصارف مع نبض الشارع وتبنت سياسات تمويل القطاع السكني وغيره. غير أن سياسة المصارف تلك، في ظل غياب السياسات والتشريعات المستدامة، كان من المفترض أن تكون ضمن حزمة طارئة من السياسات المكملة لبعضها، وهي سياسات وتشريعات معنيٌ بإصدارها مؤسسات أخرى غير المصارف، تهدف لتحقيق الجودة وحماية المستهلك. كثيرون يعملون اليوم في مجال الطاقة الشمسية، استيراد وبيع وتركيب حتى من دون تصميم حقيقي. الضوابط والمعايير السائدة الآن لا تغطي كل مراحل التأكد من الجودة. الكارثة المتوقعة هي توقف الأنظمة التي سيقتنيها المواطن خلال فترة وجيزة، بالتالي سيُخلق رأي عام سالب تجاه أنظمة الطاقة الشمسية، والكل سيفقد الثقة فيها، ومن الصعب إذا حدث ذلك إعادة الثقة من جديد، فنكون قد فقدنا مصدراً أو أبطأنا الاستفادة منه وتوظيفه بشكل صحيح بسبب غياب السياسات والتشريعات اللازمة. الطاقة الشمسية على النطاق السكني إذا نفذت بشكل صحيح من الممكن أن تزيح عن الشبكة القومية (في حال ترميمها) أكثر من 50% من الأحمال النهارية في وقت وجيز. ما هو الحل؟ أرى أن الحل العاجل يكمن في توجيه على الأقل لبنك السودان بتبني سياسة تهدف لتحقيق الجودة ولحماية المستهلك، تنزل للمصارف عاجلاً قبل البدء في تنفيذ التمويل. على سبيل المثال، وهو نهج موجود في سياسات وتشريعات الدول التي عبرت في ملف التحول الطاقي: 

  • تتعامل المصارف فقط مع فواتير صادرة من شركات أو أسماء أعمال ناشطة في مجال الطاقة الشمسية مؤهلة مهنياً (ضرورة وجود مهندسين بالشركة مؤهلين في المهنة).
  • شرطاً أن تشتمل الفاتورة على مستند التصميم والذي يجب أن يشتمل على أربع مستندات أساسية (قائمة بأصناف وكميات الأجهزة الكهربائية بالمنزل معدة بأسلوب محدد، التصميم، مواصفات مكونات نظام الطاقة المستهدف تمويله، رسومات التصميم).

بمثل هذا النهج ستضطر الشركات العاملة في المجال لتوفيق أوضاعها مهنياً بشكل ذاتي من دون انتظار سياسات وتشريعات جهات رسمية. تمويل أنشطة الطاقة المتجددة في الدول التي لها خطط وتشريعات وسياسات تعزز انتشار استهلاك الطاقة المتجددة، يعتبر من الحوافز، وتشترط تلك التشريعات أن تكون الحوافز فقط لمن يتعامل مع مؤسسات مؤهلة مهنياً وملتزمة بمعايير الجودة ومعتمدة لدى مؤسسات التمويل الأخضر ومؤسسات الدولة. أخيراً، من الأنسب أن تعهد هيئة المواصفات والمقاييس مهمة التحقق من الجودة في تصاميم وتركيبات الطاقة المتجددة إلى طرف ثالث، وأن يكون ذلك الطرف الثالث مؤسسات قطاع خاص، لتتفرغ الهيئة للدور الرقابي والتشريعي، إذْ من المستحيل أن تتمكن الهيئة من متابعة جودة التصاميم والتركيبات والتأكد من مطابقتها لمعاييرها المعتمدة، فذلك يحتاج لعدد هائل ومتخصص من الموظفين المنتشرين في كل المدن والمحليات (هنالك مزيد من المبررات لمثل هذا التوجه).